انكسار اللعنة بعد 13 عامًا
بعد طول انتظار، حصد هاري كين أول ألقابه مع بايرن ميونخ في الدوري الألماني (البوندسليجا) موسم 2024–2025، ليتحرر من لعنة البطولات الكبيرة التي لازمته طوال مسيرته مع توتنهام ومُنتخب إنجلترا. غير أن فرحة النجم الإنجليزي البالغ من العمر 31 عامًا تعرضت لتعتيمٍ غير متوقع؛ حيث رفض المدير الرياضي للعملاق البافاري، ماكس إيبرل، طلبه تنظيم حفلٍ خاصٍ في وجهاتٍ احتفاليةٍ مثل إيبيزا بعد نهاية الموسم، معتبرًا أن التوقيت غير ملائمٍ للفريق الذي يستعد لمباراةٍ حاسمةٍ أمام بوروسيا مونشنجلادباخ.
صورة السيجار ولبنة الاحتفالات
طوال مسيرته الاحترافية منذ انطلاقته في 2004 ضمن أكاديمية توتنهام، ظلت الألقاب الكبرى تتهرب من كين رغم كونه الهداف التاريخي لبطولة البريميرليغ (280 هدفًا في 477 مباراة). وفشلت محاولاته في نيل لقب الدوري الإنجليزي، ودوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد، قبل أن يقفز إلى القمة في شباك ألمانيا هذا الموسم، إذ شارك في 34 مباراةٍ بالدوري، سجل خلالها 29 هدفًا وصنع 8، وبلغ رصيد مشاركاته بكل البطولات 44 مباراةً مع 36 هدفًا و12 تمريرةً حاسمةً.
وعلى إثر تعادل ليفركوزن مع فرايبورج 2–2 يوم الأحد الماضي، ضمن الجولة قبل الأخيرة للبوندسليجا، فقد حسم بايرن اللقب رسميًا، ليكون أول لقبٍ كبيرٍ لكين مع البافاريين وثامن لقبٍ في مسيرته الدولية والمحلية. وعبَّر النجم الإنجليزي عن سعادته عبر حسابه في “إنستجرام”:
“يا لها من ليلة! بعد عملٍ شاقٍ وتفانٍ طويل، أصبح هذا اللقب الأول في مسيرتي، سعيدٌ بما حققناه مع بايرن.”
رفضٌ قاطعٌ من ماكس إيبرل
خرج كين بصورٍ نشرها عقب التتويج تُظهره يُشعل سيجارًا فخمًا، رفقة مواطنه وزميله إريك داير، في أجواءٍ من البهجة والالحاد. وبدا أن هذه اللقطات هي البوابة لخطته الكبيرة التي تحدثت عنها صحيفة “ديلي ميل”، حيث أشار إليها مُقربون من اللاعب بأنها تتضمن الذهاب إلى إيبيزا لتنظيم حفلٍ يجمع أبرز لاعبي الفريق.
غير أن المدير الرياضي ماكس إيبرل قرر قطع الطريق أمام هذه الفكرة، مفضّلًا الحفاظ على تركيز الفريق على مباراة الجولة الأخيرة أمام مونشنجلادباخ. وقال إيبرل في تصريحٍ داخليٍ لم يُنشر على نطاقٍ واسعٍ:
“نحن نقدر حماس اللاعبين واستحقاقهم للاحتفال، لكن يجب أن يكون ذلك ضمن إطارٍ من المسؤولية تجاه النادي والجماهير. اقتراح الذهاب إلى إيبيزا في هذه المرحلة غير مناسبٍ، والفريق يحتاج للاستعداد للقاء حاسمٍ قريبٍ.”
تعقيد المقبلات الزمنية
ويُعدّ التوقيت حرجًا؛ إذ أن مباراة مونشنجلادباخ ستحسم ترتيب البطل رسميًا في الجولة الأخيرة، تليها مواجهة كأس ألمانيا قبل نهاية الشهر، ثم انخراطٌ سريع في برنامجٍ تدريبيٍ صيفيٍ مخصصٍ للاستحقاقات الأوروبية، محليًا وقاريًا. ولذلك رفض إيبرل فكرة “المهرجان” خارج الملاعب في وقتٍ لا تزال فيه المنافسات قائمةً.
نموذجٌ احترافيٌ على مستوى أوروبا
ماكس إيبرل، الذي تولى هذا المنصب منذ صيف 2023، اشتهر برفضه التصريحات الخارجة عن النصٍّ والإعلان الواضح عن أن الأولوية للنادي والنتائج قبل أي ترفيهٍ خارجيٍ. وفي هذا السياق، استشهد مقربون منه بلحظةٍ مماثلةٍ عام 2013 عندما رفض مينو رايولا طلبًا مماثلًا من زلاتان إبراهيموفيتش حين كان مع ميلان، فضلًا عن أن الشفرينة الزمنية في أي حفلٍ خارجيٍ قد تعرقل تصاريح الحجر الصحي أو التزامات الراعي الرسمي.
ما بعد الاحتفالات
سيجد كين نفسه أمام تحدٍ جديدٍ في “أليانز أرينا”؛ تحقيق الفوز الأخير في البوندسليجا لبلوغ 84 نقطةٍ، ما يوسع الفارق عن ليفركوزن إلى 7 نقاطٍ مع فارق الأهداف، وإنهاء موسمٍ شهد ارتفاعًا في أدائه وسجله التهديفي رغم التجربة الأولى في البافارية.
بعد ذلك، ينطلق البرنامج التحضيري لصيف 2025، حيث يُنتظر الإعلان عن صفقاتٍ جديدةٍ وتعزيزٍ للدكة قبل الاستحقاق القاري (دوري الأبطال) ومنافسات المجد المحلي.
خلاصةٌ تخص الاحترافية
إن رفض بايرن خطة الاحتفال في إيبيزا يرسخ رؤيةً مهنيةً صارمةً في “أليانز أرينا”، تعلي من قيمة الانضباط واحترام مسيرة البطولة فوق الاستعراض الشخصي. وهو ما يعكس ثقافة البايرن العريقة التي تحدد للنجوم إطارًا واضحًا بين العمل والاحتفالات الشخصية، لتظل صورة التتويج في الذاكرة الجماعية دون طمسها بصخبٍ خارج الملاعب.
