من فرنسا إلى الهند.. أين اختفى زيدان وتشافي بين الأحلام والضغوط؟
أسطورتان في خطر النسيان؟
عندما يُذكر اسم زين الدين زيدان أو تشافي هيرنانديز، فنحن لا نتحدث عن لاعبين عاديين في تاريخ كرة القدم، بل عن أسطورتين سطرتا المجد داخل المستطيل الأخضر. زيدان كان رمزًا للأناقة والمهارة بقميص كان وبوردو ويوفنتوس وريال مدريد، كما قاد منتخب فرنسا إلى المجد، أما تشافي فقد كان مايسترو خط الوسط في برشلونة ومن ثم في السد القطري، وكتب اسمه بأحرف من ذهب في تاريخ اللعبة. كلاهما اتجه لعالم التدريب بعد الاعتزال، ونجح في معانقة البطولات، قبل أن يختفيا بشكل مفاجئ عن المشهد، وسط تساؤلات لا تنتهي.
زيدان.. تاريخ من الذهب وصمت طويل بعد المجد
لم يعرف زين الدين زيدان ناديًا تدريبيًا سوى ريال مدريد، وبدأ رحلته في 2012 بقيادة فريق تحت 17 عامًا، قبل أن ينضم إلى الطاقم الفني للفريق الأول كمساعد لأنشيلوتي في موسم 2013-2014. وفي العام التالي، تولى تدريب فريق ريال مدريد كاستيا حتى عام 2016، قبل أن تُسنَد إليه المهمة الأكبر، وهي قيادة الفريق الأول في ولايتين، من يناير 2016 إلى يونيو 2018، ثم من مارس 2019 حتى يونيو 2021. وفي هاتين الولايتين، كتب زيدان تاريخًا لا يُنسى، حيث خاض 263 مباراة، حقق الفوز في 174، وتعادل في 53، وخسر 36 مباراة فقط، وتُوج بـ11 لقبًا بينها 3 دوري أبطال أوروبا متتالية، و2 دوري إسباني، و2 كأس العالم للأندية، و2 سوبر أوروبي، و2 سوبر محلي. بعد هذا الإنجاز الكبير، قرر زيدان الابتعاد دون التوقيع مع أي نادٍ منذ رحيله في 2021، وهو قرار ترك خلفه علامات استفهام كثيرة.
تشافي.. بداية متعثرة ونهاية غير متوقعة
في الجهة الأخرى، بدأ تشافي هيرنانديز مسيرته التدريبية من السد القطري، النادي الذي أنهى فيه مسيرته كلاعب. البداية لم تكن موفقة، حيث طالبت الجماهير برحيله، لكن سرعان ما فرض أسلوبه، وسيطر على البطولات المحلية، دون أن يحقق النجاح القاري المنتظر. وفي 2021، تلقى نداءً من نادي الطفولة برشلونة، الذي كان يعيش أسوأ فتراته بعد رحيل كومان. وافق تشافي بشجاعة على المهمة، وبدأ رحلة التصحيح. نجح في تحسين النتائج فورًا، وحقق الثنائية المحلية في موسمه الثاني، قبل أن تتدهور النتائج مجددًا في الموسم الثالث، ليقرر لابورتا إقالته وتعيين هانزي فليك خلفًا له. وبلغت حصيلة تشافي التدريبية 239 مباراة، فاز في 157 منها، وتعادل في 36، وخسر 46، وتُوج بـ8 ألقاب مع السد وبرشلونة، منها دوري وكأس سوبر إسباني مع الفريق الكتالوني في 2022-2023.
زيدان بين الحذر والطموح الكبير
رغم نجاحاته التاريخية مع ريال مدريد، إلا أن زيدان لم يقبل بأي عرض تدريبي منذ 2021، رغم تلقيه عروضًا مغرية من أندية مثل يوفنتوس، مانشستر يونايتد، مارسيليا، وبعض الفرق السعودية. هذا الرفض المتكرر يطرح سؤالًا واضحًا: هل يخشى زيدان من الفشل بعد هذا النجاح المذهل؟ ربما رأى أن تلك المشاريع لا ترقى لطموحاته أو لا تضمن له بيئة النجاح التي عاشها في مدريد. ومما يزيد من غرابة ابتعاده، أن الأندية التي حاولت ضمه فشلت لاحقًا، فمارسيليا بلا ألقاب، ويوفنتوس حصد لقبًا واحدًا، ويونايتد اكتفى ببطولتين فقط. إلا أن هناك سببًا آخر أكثر عمقًا كشفه صديقه كريستوف دوجاري، حين قال إن زيدان لديه شغف جنوني لتدريب منتخب فرنسا، وقد لا يعود لعالم التدريب إذا لم تتحقق هذه الأمنية. يعيش الأسطورة الفرنسي حياة هادئة بعيدًا عن الضغط، كجد لثلاث حفيدات، وينتظر لحظة الحلم الأكبر.
تشافي وسيناريو الهند الغريب.. هل يعود من آسيا؟
في المقابل، ظهر اسم تشافي في واقعة طريفة لكنها أثارت جدلًا واسعًا، عندما أعلن الاتحاد الهندي لكرة القدم في يوليو 2025 عن حاجته لمدرب، ثم انتشرت أنباء عن تقدم تشافي بطلب رسمي لتدريب المنتخب، قبل أن يخرج الاتحاد الهندي لينفي كل ذلك، مؤكدًا أن الطلب كان مزيفًا، وتم إنشاؤه باستخدام الذكاء الاصطناعي من قبل طالب جامعي. ورغم أن الواقعة كانت مزحة إلكترونية، إلا أنها تسلط الضوء على مستقبل تشافي الغامض. ومع استمرار غياب العروض الأوروبية الجادة، قد لا يجد خيارًا سوى العودة إلى القارة الآسيوية، سواء للسد أو إلى دوري مثل السعودي، بحثًا عن إحياء مسيرته التدريبية وعدم الاكتفاء بما تحقق. يبدو أن القارة الصفراء قد تكون المنصة القادمة لتشافي، ما لم تطرق أوروبا بابه من جديد.
